توب ستورى

فطنة قاضى ..يرجع الحق لأصحابه بالعقل وليس بالقانون

كتب شريف حمادة:

 أكد المؤرخون أن القاضي العادل، والعالمُ الجليل “إياس بن معاوية المزني”، أحدِ أذكياءِ  الدنيا، وأعجوبةٍ من أعاجيب الدهر، وعَلَمٍ من أعلامِ الأمَّة الإسلامية، فضربَ المثل بذكائه وفراسته، وحسنِ قضائه، فطبَّقت شهرتهُ الآفاق، على الرغمِ من كونهِ محاطاً بأعلامٍ مشهورينَ في عصره، أمثالِ الإمامِ الحسن البصري، وابن سيرين، والأعمش. وكان في زمنِ الحجاج، ثم الخليفةِ الراشد عمر بن عبدالعزيز.

 ويروي انه جاء إليه فى مجلس القضاء رجلين اختصما في قطيفتين ، إحداهما خضراء جديدة ثمينه، والأخرى حمراء بالية.

 فقال المدعي: نزلت إلى الحوض لأغتسل، ووضعت قطيفتي الخضراء مع ثيابي على حافة الحوض وجاء خصمي فوضع قطيفته الحمراء إلى جانب قطيفتي ونزل إلى الحوض وخرج قبلي ، فلبس ثيابه وأخذ قطيفتي فألقاها على رأسه وكتفيه ومضى بها ، فخرجت بسرعة على أثره وتبعته وطالبته بقطيفتي فزعم أنها له، فقال إياس للرجل المدعى عليه: وما تقول أنت؟!

فقال: هي قطيفتي وهي في يدي.

فقال إياس المدعي :ألك بينة؟

فقال: كلا.

فقال لحاجبه: أحضر لي مشطا فأحضر له ، فمشط شعر رأس الرجلين فخرج من رأس أحدهما زغب أحمر من نثار صوف القطيفة فأمر له بالقطيفة الحمراء.، وخرج من رأس الآخر زغب أخضر، فقضى بالقطيفة الحمراء لصاحب الزغب الأحمر ، وبالقطيفة الخضراء لصاحب الزغب الأخضر.

ويروى أيضا أنه كان في (الكوفة) رجل يظهر للناس الصلاح، ويبدي لهم الورع والتقى حتى كثر الثناء عليه، واتخذه بعض الناس أمينا لهم يأتمنونه على مالهم ، فأتاه رجل واستودعه مالا، وعندما احتاج الرجل لماله طلبه منه فأنكره، فمضى إلى القاضى إياس وشكا له الرجل، فقال للمشتكي: أعلم صاحبك أنك تريد أن تأتيني؟.

قال:لا.

فقال له:انصرف وعد إلي غدا .

وأرسل إياس إلى الرجل المؤتمن وقال له: لقد اجتمع لدي مال كثير لأيتام لا كافل لهم وقد رأيت أن أودعه لديك وأن أجعلك وصيا عليهم،فهل منزلك حصين ووقتك متسع؟ .

فقال: نعم أيها القاضي.

فقال: تعال إلي بعد غد وأعد موضعا للمال وأحضر معك حمالين يحملونه.

وفي اليوم التالي جاء الرجل المشتكي، فقال له إياس: انطلق إلى صاحبك واطلب منه المال، فإن أنكره فقل له: أشكوك إلى القاضي إياس .

فذهب الرجل وطلب ماله، فامتنع عن إعطائه له وجحده. فقال له:إذا أشكوك إلى القاضي ، فلما سمع ذلك منه دفع إليه المال وطيب خاطره.

فرجع الرجل إلى القاضى إلياس وقال: لقد أعطاني صاحبي حقي و جزاك الله خيرا.

وفى اليوم التالى  جاء الرجل المؤتمن إلى إياس ومعه الحمالون، فزجره وأشهره وقال له: بئس الرجل أنت يا عدو الله،لقد جعلت الدين مصيدة للدنيا.

ليوبارد لخدمات الامن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى