قرار محكمة النقض بعدم الاعتراف بولد الزنا يثير أزمة بالمغرب

واجه قرار محكمة النقض المغربية، بعدم الاعتراف بالأبناء المولودين خارج مؤسسة الزواج، الكثير من الانتقادات ، خاصة بين الشباب والمنظمات الحقوقية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء قرار المحكمة المغربية بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على صدور أول حكم قضائي بالمملكة يُقر ببنوة الابن الطبيعي لأبيه البيولوجي ويلزمه بدفع تعويض لأمه، وهو الحكم الذي أثار جدلاً واسعاً، لكن سرعان ما تم إلغاؤه فى الاستئناف وأيدت ذلك محكمة النقض.
وقد عبرت رابطة “حقوق النساء”، في بيان لها عن أسفها وخيبة أملها وأمل كل من كان يعتقد أن الحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل هي غاية المشرع”.
وطالبت الرابطة، التي تعمل من أجل القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، رئيس الحكومة وكل الفرق البرلمانية بـ”سرعة الموافقة على قانون الدفع بعدم دستورية القوانين لضمان حق المتقاضيات والمتقاضين في الوصول إلى المحكمة الدستورية”.
كما دعت المنظمة الحقوقية إلى إصلاح شامل لمدونة الأسرة وملاءمتها مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومع روح العصر، ورفع كل أشكال الحيف والتمييز التي تكرسها ضد النساء والأطفال.
سمو المواثيق ومدونة الأسرة
وقد أثار قرار محكمة النقض الجدل وذلك لأنه أيد الحكم الاستئنافي المتعلق بحقوق الطفل الذي رجح القوانين الوطنية على الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وذلك عكس ما تنص عليه أحكام الدستور في ما يخص سمو الاتفاقيات الدولية.
وجاء فى حيثيات حكم المحكمة أن مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الداخلية المنصوص عليها في ديباجة الدستور، مشروط بضرورة العمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تستوجبه عملية المصادقة عليها.
وأضافت المحكمة فى حيثيات الحكم أن الفصل 32 من الدستور، الذي ينص على أن “الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع”، والفصل 148 من مدونة الأسرة، الذي ينص على أنه “لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية”، لتنتهى إلى أن “الحكم ببنوة الطفلة المولودة خارج إطار الزواج لأبيها البيولوجي غير مبرر لا شرعاً ولا قانوناً”.
وأكدت محكمة النقض، أن محكمة الاستئناف التي ألغت الحكم الابتدائي طبقت قواعد القانون وقواعد الفقه الإسلامي التي تعد بدورها بمثابة قانون، والتي تُقر بأن ولد الزنا يلحق بالأم لانفصاله عنها بالولادة، بغض النظر عن سبب الحمل شرعي أو غير شرعي، ولا يلحق بالأب.
ويأتي قرار محكمة النقض بالمخالفة لتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن تقريره حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019، والداعية لحماية حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية لوالديه. كما يجدد هذا الحكم الدعوة إلى تعديل مدونة الأسرة بعد مرور قرابة عقدين على اعتمادها.