هل يكون «السوار الإلكتروني» بديلا للحبس الاحتياطي؟

كتب شريف حمادة:
شهدت مواقع التواصل الإجتماعى خلال الفترة الماضية تزايد الحديث حول إقتراح النائبة سميرة الجزار، عضوة لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، والذى تقدمت به لاعتماد نظام استخدام السوار الإلكتروني لمراقبة بعض المطلوبين فى قضايا بسيطة والغارمات ليكون بديلا للحبس الاحتياطى، للتخفيف من مشكلة اكتظاظ السجون وإنهاء أزمة عقوبة الحبس الاحتياطي، والمحكوم عليهم بأحكام بسيطة ، وطالب رواد السوشيال ميديا بسرعة تطبيق المقترح خاصة انه ليس بجديد عالميا أو حتى عربيا.
وأضاف رواد “السوشيال ميديا”، أن المحاكم فى عدد كبير من دول العالم بدأت وجهات التحقيق التوسع في استبدال الحبس الاحتياطي بالتدابير الاحترازية، سواء بالمراقبة الشرطية أو منع المتهمين من مغادرة منازلهم،وقد نفذت هذا الإجراء وزارة الداخلية المصرية مثلما حدث في حالة الأكاديمي حازم حسني وعدد من المحبوسين احتياطيا.
نائبة: سيحل الكثير من المشكلات النفسية
وأكدت النائبة سميرة الجزار، أن تركيب سوار إلكتروني في قدم المحبوس احتياطيا لسجناء الرأي والمحكوم عليهم بأحكام حبس وعقوبات بسيطة والغارمات ومن عليهم أحكام مراقبة، بهدف تحديد إقامتهم بدلا من الحبس، فالمراقبة الإلكترونية تعد أداة مفيدة واقتراح بديل عن السجن، للتخفيف من مشكلة اكتظاظ السجون ، وتخفيف معاناة المحبوسين من المنظور الإنساني والاجتماعي، وأيضا توفير النفقات التي تتكلفها الدولة بالإقامة والحراسة.
وقالت النائبة فى تصريحات خاصة ل”أمن 888″ ، إنها تقدمت بالاقتراح طبقا للمادة 54 والمادة 93 والمادة 96 من الدستور، والاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر وأصبح لها قوة القانون ، فتجربة المراقبة الإلكترونية منتشرة فى العالم الخارجي فهناك حوالى 40 دولة من بينها سويسرا تتعامل بها، وهناك أكثر من 350 ألف شخص حول العالم نصفهم فى امريكا الشمالية يرتدون السوار الإلكتروني، وباتت هناك قناعة متزايدة بأن عقوبة السجن ليست هي الحل الأمثل بالنسبة لأصحاب الجرائم الصغيرة، الذين قد يتأثروا بغيرهم من أصحاب الجرائم الخطيرة، وغالبا ما يجدون أنفسهم بعد إطلاق سراحهم ضائعين، وبلا وظيفة ولا مسكن.
وأضافت: “إن السوار الإلكتروني تطور جدا ومزوّد بإمكانات عديدة، ومن بينها شريحتا اتصال، يمكن بواسطتهما تحديد موقع الشخص من خلال مستقبِل نظام الأقمار الصناعية العالمي للملاحة وموجات الراديو، ويمكننا بواسطة تكنولوجيا الأقمار الصناعية تتبع كل حركة للشخص بين المنزل والعمل، ويمكننا معرفة السرعة التي يتحرك بها، وما إذا انحرف عن مساره المعتاد، أو ابتعد عن نقطة بعينها ويمكن تحديد موقع محدد لا يخرج عن نطاقه أي (تحديد إقامته)”.
وتابعت:” السوار الإلكتروني مصنوع من البلاستيك وفولاذ التيتانيوم عالي الجودة، وأنه لا يمكن التلاعب به ولو حاول نزع السوار أو قلقلته أو قضمه، فإن المستشعرات الداخلية ترسل على الفور إنذارا إلى العقل الإلكتروني، الذي يقوم بتحويله إلى مركز الشرطة أو مركز المراقبة، وكذلك ينطلق صوت تنبيه عندما تصل شحنة البطارية دون مستوى معين”.
وأوضحت النائبة سميرة الجزار، أن استخدام السوار الإلكتروني هو الأقل تكلفة من بين طرق تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، ويعد ضمن التدابير الاحترازية كبديل إنساني وحضاري عن الحبس الاحتياط، ويمنع عدم مصادرة حرية الإنسان بالحبس لمدد غير معلومة دونما محاكمة، وعدم استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة مسبقة قبل الحكم القضائي، كما انه يعزز الاتجاهات الحديثة في قانون العقوبات الساعية نحو إصلاح سلوك المتهمين، والأخذ بالنظريات النفسية والاجتماعية، والتي يؤكد غالبها على أن الوجود في السجون قد لا يشكل إصلاحا في جميع الحالات، ولا يجب أن تكون العقوبات مبالغا فيها، وأن تتناسب مع مقدار الجريمة.
وطالبت النائبة بتعديل بعض نصوص القانون المدني والجنائي، منها إضافة نص لاستخدام المراقبة الإلكترونية لنصوص قانون العقوبات مع عقوبة السجن التي لا تتجاوز السنة الواحدة، وترك الحرية للقاضي بالحكم بين العقوبتين، واستخدام السوار الإلكتروني للمحبوسين أثناء المرحلة الأخيرة لعقوبة سجن طويلة وتوسيع قاعدة الإفراج الصحي لكبار السن، واستبدالها بخدمة عامة تناسب المحكوم عليه وإمكانياته وخبراته.
كما طالبت بإضافة نص لاستخدام السوار الإلكتروني والمراقبة الإلكترونية للمادة الأولى في قانون تنظيم مراقبة البوليس رقم 181 لسنة 2020 للمحكوم عليهم بأحكام رقابة.
وقد جاء إقتراح النائبة على هوى عدد كبير من المنظمات الحقوقية سواء المصرية او الدولية مؤكدين ان اتخاذ تلك الاجراءات، بهدف تقليل أعداد المحتجزين، خاصة في ظل ظروف وباء كورونا، والتكدس الحاصل في السجون المصرية.
وكان النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قد سبق وطالب في ديسمبر 2019، باستبدال الحبس الاحتياطي بالمراقبة الإلكترونية حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على المواطنين من الناحية الاجتماعية.
كما سبق وتقدم أيضا المستشار سامح عبد الحكم، رئيس محكمة الاستئناف، بمشروع قانون بدائل العقوبات المقيدة للحرية بالنسبة للقضايا البسيطة، لمجلس النواب، لافتا إلى أن القانون الذي تقدم به لا يتناول حبس الغارمات فقط، ولكن يتناول أيضاً استبدال عقوبة الحبس بالعمل لصالح الدولة، وذلك بالنسبة لأصحاب الجرائم البسيطة، بما فيها قضايا الغارمين والغارمات .
وتضامن اللواء عصام الترساوى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، مع اقتراح النائبة قائلا، إن الكثير من الدول الأجنبية والعربية بنظام المراقبة الجنائية الالكترونية او ما يعرف ” بالسوار الالكترونى ” أو الحبس المنزلى كبديل عن الحبس الاحتياطي، أو طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة خاصة التى لا تزيد عن سنة بالنسبة للأحداث او النساء او المرضى وغيرهم، ممن لا تسمح حالتهم الصحية بوجودهم فى السجون من الحوامل, او المصابين بالاوبئة المعدية وكبار السن، ويقتضى ذلك توفير الأسورة الالكترونية التى تشبه الساعة حيث تُثبت أسفل ساق الخاضع او عند معصم اليد, وتعرف المراقبة الجنائية الالكترونية باستخدام وسائط الكترونية، للتأكد من وجود الخاضع لها فى المكان والزمان السابق الاتفاق عليهما بين الخاضع والسلطة القضائية، التى تأمر بهذا الإجراء، ذلك ان الأمر يفترض التراضى فلا يجوز فرضها على الخاضع او إلزام السلطة القضائية بها.
وأضاف اللواء عصام الترساوى ، إن المشرع المصرى اخذ فى تعديلات قانون الإجراءات الجنائية “145 لسنة 2006″، فيما يتعلق بتعديل بعض أحكام بدائل الحبس الاحتياطى بثلاثة أمور وهى الزام المتهم بعدم مبارحة مسكنة، وبان يقدم نفسه الى مقر الشرطة فى أوقات محددة، وحظر ارتياده أماكن محددة، وهو ما جاء متماشيا مع فكرة المراقبة الالكترونية وذلك من اجل مواجهة تكدس السجون, وتخفيض النفقات الملقاة على كاهل الدولة.
وأشار اللواء عصام السرساوى، إلى أن التطور التكنولوجى يسمح فى الوقت القريب بتحديث السوار، ليكون أصغر حجما وأخف وزنا واقل ثمنا بما يسمح بالتوسع فى تطبيقه دون عناء, بما ينعكس ذلك على الخاضع, وأسرته وذويه, والبعد عن النظرة الدونية إليه، أن الأمر أصبح ضروريا خاصة فى قضايا المخدرات البسيطة والمرور المنتشرة والقضايا الاقتصادية المتعددة وقوانين الطوارئ، وحماية المنشآت العامة والحيوية الجديدة نظرا لمقتضيات الصالح العام ومواكبة لملاحقة ركب التطور، ويمكن استخدام آلية السوار الالكترونى كبديل احتجازى (طريقة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية قصير المدة) أو كتدبير احترازى (بديلا عن الحبس الاحتياطي) وذلك فى ضوء تطورالسياسة الجنائية وفقا لتوصيات الأمم المتحدة .
كيف يعمل نظام السوار الإلكتروني؟
وقد لجأت بعض التشريعات منها التشريع الفرنسي والأمريكي والسويدي والكندي والإنجليزي إلى نظام السوار الإلكتروني ويلزم المحكوم عليه أو المحبوس احتياطيا بالإقامة في المنزل أو جهة الإقامة خلال ساعات محددة بحيث تتم متابعة الشخص الخاضع للمراقبة إلكترونيا.
وقد تعددت آليات التنفيذ في تلك التشريعات، وتباينت بين المراقبة الإلكترونية عبر الستالايت، أو عن طريق النداء التليفوني، أوعن طريق البث المتواصل، ويوضع السوار الإلكتروني حول معصم أو كاحل المسجون احتياطيا، وهو مزود بشريحة تعمل بنظام الـ”جى بى إس”، لتحديد مكان المتهم على مدار الساعة وتتبع حركته.
وتصمم “الإسورة” بطريقة يصعب التخلص منها وعند محاولة المتهم نزعها بأية طريقة، فإنها ترسل إشارة إلى قسم الشرطة وسيارات الدورية القريبة من مكان المتهم فتهرع إليه وتلقى القبض عليه.
دول عربية طبقت السوار الإلكتروني
وتاتى الجزائر فى مقدمة الدول العربية التي اتبعت نظام العمل بالسوار الإلكتروني، ولكن تم وقف العمل بها قبل ما يقرب من شهرين لاكتشاف عيوب تقنية به، بعد ما كلف خزانة الدولة مبالغ كبيرة.
وبعد انتشار فيروس كورونا، قررت النيابة العامة في الكويت، استخدام المساجين المشمولين بقرارات العفو الأميري للمرة الأولى لـ”سوار إلكتروني” مرتبط بتطبيق لتحديد المواقع الجغرافية عن طريق الأقمار الصناعية.
وقال المحامي العام الكويتي، المستشار محمد الدعيج، إنه وفقاً لآخر دراسة فإن نسبة انتكاسة السجين، وعودته للإجرام مع نظام السوار الإلكتروني من المتوقع ألا تتجاوز 23%، مقارنة بالنسبة العالية مع نظام عقوبة “الحبس في السجن”.
وقال محمد نزار النصف، الرئيس التنفيذي لشركة “Solution by stc ” ، إن فكرة السوار ليست وليدة اللحظة، بل موجودة منذ فترة، وتهدف السلطات الكويتية من خلالها إلى إعطاء السجين فرصة قضاء عقوبته خارج أسوار السجن.
وأوضح النصف ، أن تطبيق المشروع على السجناء، يساهم فى تقليل تكلفة المصروفات على الدولة، ممثلة في إطعام السجين وعلاجه وحراسته.
وفي لبنان، قررت السلطات القضائية اعتماد “السوار الإلكتروني” لتحديد نطاق حركة مرتكبي الجرائم البسيطة، بديلا عن الحبس الاحتياطي والسجن، وذلك للتخفيف من ازدحام السجون التي تعاني بالفعل اكتظاظا كبيرا، خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا في لبنان.