فى انتظار اللائحة .. قانون المعاشات المصري بين الماضر والحاضر

كتب:شريف حمادة
شهدت قوانين وأنظمة التأمينات والمعاشات الاجتماعية تطور كبير خلال العقود الماضية، فقد شهدت مصر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أول قانون حقيقى للتأمينات، وسبق ذلك صدور 3 قوانين، هى القانون رقم 64 لسنة 1936 بتقرير المسئولية المهنية لأرباب الأعمال، والقانون رقم 86 لسنة 1943 مقرراً مبدأ التأمين الإجبارى، والقانون رقم 117 لسنة 1950 الخاص بالمسئولية عن أمراض المهنة والتأمين، ورغم أن هذه التشريعات لم تكن نظاماً دقيقاً للتأمينات الاجتماعية بمعناه الدقيق، فإنها كانت بداية فى تلك الفترة، واقتصرت هذه القوانين على التعامل مع الإصابات والأمراض التى يمكن أن يتعرض لها العامل.
واقتصرت القوانين التى صدرت فى مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 على معالجة مخاطر معينة (إصابات العمل وأمراض المهنة فقط) معالجة قاصرة وعاجزة، لكن يمكن اعتبارها إرهاصات أو بدايات أو مقدمات لقوانين التأمينات الاجتماعية التى عرفتها مصر بعد قيام ثورة يوليو.
ألمانيا أول دولة عرفته.. ومصر طبقته بعد ثورة “يوليو”
وتعتبر ألمانيا أولى الدول التى بدأت تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية، وذلك فى الربع الأخير من القرن الـ19 ، ومنها انتقلت لباقى الدول، حيث أصدرت 3 قوانين للتأمينات خلال أعوام 1883 و1884 و1889، نتيجة الظروف الاجتماعية والسياسية والفكرية التى مرت بها فى ذلك الوقت ودفعتها لإصدار هذه القوانين لحماية عمالها من الأخطار الاجتماعية.
ولم تعرف مصر النظام الدقيق للتأمينات الاجتماعية بمعناه الحقيقى إلا بعد ثورة يوليو، وذلك بصدور قانون التأمين الاجتماعى الأول رقم 92 لسنة 1959، والذى حل محله بعد ذلك القانون رقم 63 لسنة 1964، ليحل مكانه هو الآخر قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975، والذى حل محله قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد الذى أقره مجلس النواب فى يوليو وصدَّق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً.
والقانون رقم 92 لسنة 1959، يعتبر أول قانون شامل وكامل للتأمينات الاجتماعية، وكان يتم تطبيقه فى مصر وسوريا خلال الوحدة بينهما، وأنشأ لأول مرة هيئة التأمينات الاجتماعية المسئولة عن حماية العامل والتأمين عليه ضد 4 مخاطر هى «الشيخوخة والعجز والوفاة وأمراض المهنة وإصابات العمل»، وتم تمويل هذه التأمينات فى تلك الفترة من خلال الاشتراكات التى يدفعها العمال وأصحاب الأعمال.
ويُعتبر القانون رقم 79 لسنة 1975 بداية الطفرة الحقيقية لنظام التأمينات الاجتماعية الجديد بعد أن استفاد من التجربة التى حدثت خلال فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وذلك تطبيقاً لدستور 71 الذى نص فى مادة الـ17 على: «تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى، ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً، وذلك وفقاً للقانون»، وذلك قبل أن يُصاب بأمراض وتشوهات كثيرة استدعت تعديله الآن.
توالت القوانين فى هذا المجال ثم تم بتاريخ 1 / 9 / 1975 إصدار القانون رقم 79 لسنة 1975 الذى وحد قوانين التأمين والمعاشات للعاملين فى الحكومة مع قانون التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاعين العام والخاص ، وإمتدت التغطية التأمينية إلى أصحاب الأعمال بموجب القانون رقم 108 لسنة 1976 إعتباراً من 1 / 10 / 1976 ، كماإمتدت التغطية التأمينية إلى العاملين المصريين بالخارج غير المؤمن عليهم بالداخل بموجب القانون رقم 50 لسنة 1978 إعتباراً من 1 / 8 / 1978 . وبتاريخ 1 / 1 / 1976 بدأ العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعى الشامل على فئات العمالة غير المنتظمة والذى حل محله القانون رقم 112 لسنة 1980 .
الرؤية:
الحماية الاجتماعية للمؤمَن عليهم وأرباب المعاشات وذويهم باعتبار المعاش بديل الدخل الذي ينقطع في حالة تحقق أحد المخاطر المؤمن ضدها ( الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابة العمال والمرض والبطالة ) .
أما عن قانون المعاشات المصري الجديد :
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صدق فى 22 اغسطس 2019، على القانون رقم 148 لسنة 2019، بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، بعد أن أقره بمجلس النواب .
ومن المقرر أن يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره، وتنشره الجريدة الرسمية، على أن يعمل به اعتبارا من أول يناير 2020، فيما عدا المواد (111 و112 و113 و114) فيعمل بها من اليوم التالي لتاريخ نشره.
ومنه زيادة الحد الأدنى للمعاش 15% من نسبة التضخم :
ربط التشريع بين الحد الأدنى للمعاش والحد الأدنى للأجر، لضمان حصول صاحب المعاش على مبلغ يناسب مستوى المعيشة، ووضع آلية لزيادة المعاشات بنسبة من معدل التضخم في الدولة يتحملها نظام التأمين الاجتماعي بحد أقصى للزيادة 15% من نسبة التضخم، كما استحدث التشريع معاشاً إضافياً قائماً على الاشتراكات المحددة، واختياريا للمؤمّن عليهم لمن يرغب في تحسين قيمة المعاش المستحق له، على أن يضاف للمعاش الأساسي .
وطبقاً للمشروع، يسري نظام التأمينات الجديد على العمالة غير المنتظمة، ومن بينها “الباعة الجائلون، فضلاً عن منادي السيارات وموزعي الصحف وماسحي الأحذية” وغيرهم من الفئات المماثلة والحرفيين، ويستحق الشخص منهم المعاش بعد بلوغ سن الشيخوخة، مع توافر مدة اشتراك في “تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة” لا تقل عن 180 شهراً (15 سنة)، منها مدة اشتراك لا تقل عن 120 شهرا على الأقل 10 سنوات .
ويجوز بنص مشروع القانون، خفض سن المعاش للعاملين في الأعمال الصعبة أو الخطرة، بقرار من رئيس الوزراء، مقابل زيادة نسبة الاشتراكات التي يتحملها صاحب العمل، لمواجهة الأعباء الناتجة عن المزايا، ورفع النسب التي يحسب على أساسها المعاش، ولا يجوز أن يزيد إجمالي المعاش على 80% من الحد الأقصى لأجر الاشتراك في تاريخ الاستحقاق، ولا يقل عن 65% منه.