توب ستورى

«الذكاء الاصطناعي فى التسليح العسكرى»..هل سيكون سبب الحرب العالمية الثالثة؟

أمريكا تعلن الحرب الخجولة فى تطوير الطائرات إلكترونيا ..وبوتين: الذكاء الاصطناعي أداة روسيا لاستعادة التوازن في القوى مع أمريكا

 

 

دائما ما يسبق الحروب الكبرى صراع على المصالح أو سوء تقدير كارثي،والعالم يعيش الآن صراعا شرسا خاصة فى عملية تسليح الجيوش ، وهناك سباقا محموما بين الدول الكبرى على إدخال الذكاء الاصطناعي فى الصواريخ والطائرات بدون طيار ، فهل سيكون ذلك سبباً في اندلاع حرب عالمية ثالثة؟.

ويؤكد عدد من المحللين العسكريين أن الخوف ليس فقط من ظهور زعيم متهور يبدأ الحرب، ولكن من أن يتخذ الذكاء الاصطناعي القرار ويبدأ “الضربة الاستباقية”، والغريب أن هناك من يقول” الحرب هي قانون الطبيعة الأول، والسلم هو الاستثناء” فقد انخرط الإنسان منذ بدايات خطوته على الأرض في حروب ساحقة، بهدف تأمين حاجياته وإرضاء غروره وتأبيد سيطرته، وكانت أيضا لِدواع سياسية ودينية واقتصادية.. وأول أداة اخترعها الإنسان كانت قطعة سلاح؛ مدية من حجر ورمح من صوان، فتاريخ الإنسانية كما يؤكد عالم الاجتماع الفرنسي غاستون بوتول، هو “سجل مملوء بالحروب والنزاعات، المسؤولة، إلى حد كبير عن إحداث التحولات والتلاقحات الكبرى”.

ويشير المحللون إلى أنه بالرغم من خوف العالم من سباق التسلح النووى بين الكبار إلا أنه كان هناك عقل ومعرفة حقيقة أن إطلاق صاروخ نووي باتجاه الخصوم سيكون خطوة انتحارية للدولة المطلقة، أما مع الذكاء الاصطناعي فلا يوجد مثل هذا الرادع ، ورغم حداثة العهد به، أصبح الذكاء الاصطناعي الموضوع الأكثر جدلاً بين العلماء.. وهو إلى جانب المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية وغيرها، مطروح اليوم على طاولة زعماء العالم كأداة للهيمنة، بما ينذر بحدوث فصل جديد من الحرب الباردة يكون فيها الذكاء الاصطناعي اللاعب المتحكم.

وكانت دراسة علمية اعتمدت على استطلاع آراء 352 من خبراء التعلُّم الآلي والذكاء الاصطناعي، أكدت أن الذكاء الاصطناعي يحسِّن قدراته بسرعة، ويثبت ذاته على نحو متزايد في مجالات عديدة شهدت سيطرة الإنسان عليها تاريخيّاً، وأوضحت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعتي “أوكسفورد” البريطانية و”ييل” الأميركية، أن هناك احتمالاً بنسبة 50 في المئة بأن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في جميع المجالات في غضون 45 عاماً.

ويشير جيريمي ستروب، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ولاية داكوتا الشمالية الأميركية ، إلى إنه ربما يكون الناس في العالم قلقين من تصاعد التوترات النووية، ولكنهم لا يدركون أن هجوما إلكترونياً كبيراً يمكن أن يكون ضارّاً بالقدر نفسه،قائلا إنه بِصِفتي شخصاً يدرُس الأمن السيبراني وحرب المعلومات، يساورني القلق من أن هجوماً سيبرانياً ذا تأثير واسع النطاق، أو اقتحاماً في أحد المجالات يمتدّ إلى مجالات أخرى، أو مزيجاً من هجمات كثيرة أصغر، يمكن أن تسبب ضرراً فادحاً، ينطوي على إصابات جماعية وخسائر في الأرواح، تنافس الخسائر التي تنجم عن سلاح نووي.

ويضيف جريمي ستروب ، أنه على عكس السلاح النووي الذي سيؤدي إلى تبخُّر الناس ضِمْن مسافة 100 قدم، ويقتل كل شخص تقريباً ضِمن نطاق نصف ميل، ستكون الخسائر في الأرواح التي تنجم عن معظم الهجمات السيبرانية أبطأ.. قد يموت الناس من نقص الغذاء، والكهرباء، أو غاز التدفئة، أو من تحطم السيارات الناجم عن تعطّل أنظمة الإشارات الضوئية.. ويمكن أن يحدث ذلك ضمن مساحة واسعة، ما يؤدي إلى إصابات جماعية، وحتى وفيات”.

وبينما كان السلاح المفضل والأكثر تدميراً خلال الحرب الباردة ترسانة الصواريخ النووية، فإن الأمر يختلف اليوم، حيث تتمثل أسلحة المستقبل في برمجيات الذكاء الاصطناعي، سواء للإطلاق والتحكم في الأسلحة أو الأهم وهو مهاجمة أنظمة الكمبيوتر والتحكم المعادية.. وستكون الغلبة للذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً والذي يستطيع تطوير أدواته ذاتياً لقهر الأنظمة الأخرى.. وتؤكد مقدرة الرد السريع، باعتماد الذكاء الاصطناعي، للأعداء المحتملين أن الدولة تتمتع بأعلى درجات الاستعداد، بالإضافة إلى امتلاكها نفس القدرة في الحالات الهجومية، وهو ما سيصبح بمثابة رادع قوي تتشكل حوله أدوات الحرب الباردة طويلة الأمد.

حرب ضد البشر

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أكد في اجتماع معلن العام الماضي، داخل أكاديمية تطوير الصواريخ الإستراتيجية الجديدة بالقرب من العاصمة موسكو، أن الذكاء الاصطناعي قد يكون الأداة والطريق الذي تسلكه روسيا لاستعادة التوازن في القوى بينها وبين الولايات المتحدة والتغلب على الفارق الهائل في الإنفاق على التسليح، وأكدت وسائل الإعلام الروسية الرسمية حينها أن الذكاء الاصطناعي هو مفتاح روسيا للتفوق على الولايات المتحدة في ما يتعلق بالدفاع.

وأشار العديد من الخبراء،إلى أن تطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي سيتيح اتخاذ قرارات بالاعتماد على بيانات أكثر وبسرعة أكبر مما يمكن للإنسان التعامل معها.. ووقوفاً على تلك الحقائق، سوف تسعى أي دولة للحصول على أسلحة الذكاء الاصطناعي إذا ظنت أن أعداءها سيحصلون عليه، ولكن حتى الآن لا يزال الاستخدام الواسع للهجمات التي يقودها الذكاء الاصطناعي بعيدا بعض الوقت.

ويأمل الخبراء أن تأخذ الدول خطوات جادة لنقل اتفاقية جنيف الرقمية المقترحة للحد من صراع الذكاء الاصطناعي، إلى أرض الواقع، ورغم ذلك لن توقف الاتفاقية هجمات الذكاء الاصطناعي التي قد تشنها مجموعات قومية أو الميليشيات أو إرهابيون وغيرها من الجهات، حيث سيتم التعامل مع الذكاء الاصطناعي كالأسلحة المحظورة في وقتنا الراهن، وستبقى أمام الدول فرصة للتنصل من المعاهدات أو إجراء تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي سراً،ومن المؤكد أن فرداً ما سيحول الذكاء الاصطناعي إلى سلاح مما يدفع الآخرين لفعل الشيء ذاته وإن كان برغبة الدفاع عن النفس، والأهم من ذلك كله فإن امتلاك الذكاء الاصطناعي المتفوق في العديد من الدول سيوفر رادعاً للهجمات كما حدث مع الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة، ولكن على الجانب الآخر من الممكن أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي الطرفين المتحاربين، بل ومن الممكن أن تكون طرفا قويا في حرب ضد البشر.

من جانبه ،حذر جيمس جونسون ، الأستاذ بجامعة ليستر في بريطانيا والمتخصص في الدراسات الأمنية، في دراسة بعنوان “الذكاء الاصطناعي وحرب المستقبل” من التهديدات الأمنية العالمية التي ينطوي عليها استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وانعكاساته على إعادة ترتيب موازين القوى.

وأشارت دراسة جونسون والتى ناقشت المنافسة الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة، ومدى تأثرها على السباق الحالي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى الدور الواسع الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في تعزيز القدرات العسكرية التقليدية والمتطورة، سواء من الناحية التشغيلية أو على المستوى التكتيكي، حيث يلعب دوراً يفوق كونه “سلاحاً” في حد ذاته.

ويوضح الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يعزز على المستوى التشغيلي من القدرات العسكرية من خلال إمكانات الاستشعار عن بعد، والإدراك اللحظي للمتغيرات، والمناورة، واتخاذ القرار تحت ضغط.. أما على المستوى الاستراتيجي التكتيكي في صنع القرار العسكري، فستتمكن أنظمة القيادة المعززة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من تجنب العديد من أوجه القصور الملازمة لعملية اتخاذ القرارات الإستراتيجية التقليدية، حيث ستكتسب القدرة على اتخاذ القرار السريع، بل والتلقائي، بناء على المعلومات المعززة، وهو الأمر الذي يُجنّبها الأخطاء البشرية، ويُكسبها ميزة تنافسية مقارنة بأنظمة اتخاذ القرار التقليدية.

ويؤدى إدماج الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري إلى إدخال متغير جديد في المعادلة العسكرية، لن تتساوى فيه الجيوش التي تستخدم تلك التكنولوجيا الجديدة مع غيرها، ومن ثم سيحدث مجموعة من الآثار الإستراتيجية التي من المحتمل أن تزعزع الاستقرار الأمني إلى حد كبير، وتؤثر على ديناميكيات الصراع والتصعيد العسكري في المستقبل.

سباق تسلح جديد

وقام البعض بتوصيف تكنولوجيا الروبوتات ونظم الأسلحة ذاتية التشغيل، إلى جانب ابتكارات أخرى، على أنها تمثل “الثورة الثالثة في الحروب”، وفي سياق آخر على أنها أحد مخرجات “الثورة الصناعية الرابعة”؛ فإن إدماج الذكاء الاصطناعي معها من المتوقع أن يُحدث آثاراً تحولية في مستقبل الحروب والتوازن العسكري عالمياً، حيث سيضيف إليها تقنيات تُعزز من قدراتها مثل الإدراك البصري والتعرف على الصوت والوجه، وكذلك استخدام الخوارزميات في صنع القرار لتنفيذ مجموعة من العمليات، الجوية والبرية والبحرية، وذلك بشكل مستقل عن الإشراف والتدخل البشري.. وتتوقع الدراسة أن تحوز الصين على الأسبقية في مجال إدماج الذكاء الاصطناعي ضمن منظومتها وإستراتيجيتها العسكرية، من خلال تطوير القواعد التقنية وآليات حوكمة الذكاء الاصطناعي لتعزيز تنافسية ومستوى القدرات العسكرية الصينية.

وطبقا للواقع فإن الصين تتمتع بأفضلية تحقيق ذلك التكامل المدني – العسكري، فإن الولايات المتحدة مازالت تواجه العديد من التحديات مع شركات وادي السليكون، حيث أعلنت شركة غوغل مؤخرا عن إيقافها التعاون مع البنتاغون ضمن مشروع للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أنها مازالت تتخذ خطوات حذرة في الاعتماد الكامل وتضمين الذكاء الاصطناعي في المنظومة العسكرية.

وفي ختام الدراسة التى أعدها جيمس جونسون ، الأستاذ بجامعة ليستر في بريطانيا والمتخصص في الدراسات الأمنية، والذى قارن فيها بين توجه كل من الصين وروسيا نحو التضمين والاعتماد الكامل لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في المنظومة العسكرية الخاصة بها، حيث توجد شواهد على إلحاق الصواريخ النووية والباليستية الخاصة بهما بمعززات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعلها قابلة للانطلاق وتدمير الأهداف المحددة مسبقا في حالة استشعارها بوجود أي خطر أو هجوم عليها.

وسيتيح تطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات بالاعتماد على بيانات أكثر وبسرعة أكبر مما يمكن للإنسان التعامل معها، وهو الأمر الذي ينطوي على آثار تدميرية تمس البشرية جمعاء، إلا أنه في المقابل، يرى أن الولايات المتحدة تسلك منحى آخر يراه الكاتب أخلاقياً في المقام الأول، حيث إن إخراج العنصر البشري من المنظومة قد يضاعف من تداعيات أي أزمة مستقبلية، ويخرجها عن السيطرة لتتصاعد لمستويات لا يمكن التحكم فيها.

وخلُصت الدراسة إلى أن التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي ستقترن في المدى القريب بانتشارها والتوسع في استخدامها في المجال العسكري؛ سيترتب عليها إحداث العديد من التداعيات الأمنية، والتي ستنعكس بشكل أو بآخر على زعزعة استقرار الأمن العالمي، وإطلاق سباق تسلح جديد، إلا أنه في هذه المرة سيكون لامتلاك الأسلحة المعززة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ونبهت إلى أنه في ظل غياب القواعد والسياسات الضابطة لاستخدام تلك التكنولوجيا في المجال العسكري فستتمثل أهم التداعيات على الأمن العالمي في شيوع حالة من عدم اليقين، وتعدد التهديدات في المجالين المادي الواقعي والافتراضي. هذا بالإضافة إلى إحداث العديد من التحولات في طبيعة وخصائص التهديدات الأمنية، بل وطرح أشكال جديدة من التهديدات على الساحة الأمنية.

“الحرب الخجولة”

من جانبها ، أعلنت القوات الجوية الأمريكية أن “الحرب الخجولة قد بدأت”، حيث استخدم سلاح الجو الأمريكي طيار ذكاء اصطناعي لقيادة طائرة عسكرية لأول مرة في خطوة كبيرة نحو نشر الذكاء الاصطناعي في الحرب.. وبعد إكمال أكثر من مليون عملية محاكاة ، شاركت “خوارزمية” الذكاء الاصطناعي الصفرية بنجاح في قيادة طائرة تجسس من طراز U-2 في مهمة تدريبية فوق كاليفورنيا في 15 ديسمبر 2020.. ووصف الدكتور ويل روبر من سلاح الجو الأمريكي ، الذي كتب في مجلة “Popular Mechanics” ذلك بأنه “قفزة عملاقة لـ” الكمبيوتر “في العمليات العسكرية المستقبلية.

كتب الدكتور روبر: “لقد دربنا “uZero – وهو برنامج كمبيوتر رائد عالمياً يهيمن على الشطرنج وحتى ألعاب الفيديو دون معرفة مسبقة بقواعدها – لتشغيل طائرة تجسس من طراز”U-2“.

وقال الدكتور روبر، الذي يشغل منصب مساعد وزير القوات الجوية للتكنولوجيا واللوجستيات ، إن المهمة كانت عرضًا “لمدى استيعاب جيشنا تماماً للذكاء الاصطناعي للحفاظ على ميزة اتخاذ القرار في ساحة المعركة”.. وختم قائلاً: “بدأت الحرب الخوارزمية”.

تأتي المهمة بعد أربعة أشهر فقط من انتصار طيار من الذكاء الاصطناعي أمام طيار في سلاح الجو الأمريكي في معركة افتراضية من طراز”F-16“، حارب على عدة جولات على محاكاة الكمبيوتر، لم يكن الطيار البشري قادراً على مطابقة تقنيات الالتواء المبتكرة التي اعتمدها طيار الذكاء الاصطناعي ، وخلال بث مباشر للقتال الجوي ، قال الطيار البشري: “الأشياء القياسية التي نقوم بها كطيارين مقاتلين لا تعمل”.

وفي وقت سابق من هذا العام ، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن خطط لتبني مبادئ أخلاقية من أجل وضع الأساس للذكاء الاصطناعي لاستخدامه في الحرب.. ودعت المبادئ إلى “مستويات مناسبة من الاهتمام بالإمور الانسانية” عند نشر أنظمة الذكاء الاصطناعي ، مع جعلها “قابلة للتتبع”.

وحذر المدافعون عن الحد من التسلح من أن هناك المزيد الذي يتعين القيام به لمنع الذكاء الاصطناعي من اتخاذ قرارات مصيرية في ساحة المعركة ، ودعوا إلى فرض قيود أقوى على التكنولوجيا.

كما حذرت رسالة مفتوحة من كبار الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات في عام 2015 من أن “سباق التسلح العالمي أمر حتمي تقريباً” إذا استمرت القوى العسكرية الكبرى في المضي قدمًا في تطوير أسلحة الذكاء الاصطناعي.

ليوبارد لخدمات الامن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى